الخميس، 6 مايو 2010

رحيلُ إبتسامة .. " شهاب آل شهاب "

رحيلُ إبتسامة ..  " شهاب آل شهاب " 




غادر هذه الدنيا قبلَ أيام قليلة .. زوج خالتي " شهاب آل شهاب "
بعد معاناة مع مرضٍ ألمّ به ..

ولي مع المرحوم ذكريات لاتنسى .. ومواقف لاتمحى ..
فكان في فترةٍ بمثابة والدي ..إذ سافر والداي برفقة أخوَي في وقتِ دراسة ..
وكان " بيت خالتي "  الحضن الدافيء الذي ضمني لشهرٍ كامِل ..

وذات يومٍ انزلقت من أعلى طاولةٍ وسقطت بركبتي على زجاجٍ تناثر قبلي ..
وكان لابد من اجراء عملية جراحية لها .. فحرص هو مع خالتي على
رعايتي بشكل أكبر ...  حتى بت كابنهم المدلل في تلك الفترة .. وعند عودتي من
المشفى .. كان أول ما يفكر به هو إرشادي إلى كيفية الصلاة متدرجة حسب حالتي ,
وتعافيّ يوماً بعد آخر .. ورغم تكاسلي بعض الأحيان إلا أن تذكيره وتكراره .. لي
ولابن خالتي بالصلاة كان كما السابق .. وقد كان شغله الشاغل .. مشدداَ على إقامتنا
لها في وقتها ..

لا أنسى أبداً صوته الصدّاح بآياتِ الله .. وطريقة تلاوته النادرة , التي حاولت أن أقلدها
ذاتَ مرة في مجلسِ القرآن , فما استطعت ..!!

كان دائماً ما يصحّح أخطاء القارئين للقرآن , ويشدّد على قراءتها بشكل صحيح 
ولا أنسى آية " آلذكرين حرم أم الأنثيين " فكنت أقرأها بلام الجر " أللذكرين " ( هل للذكرين ) 

والأصح أنها تقرأ بلام شمسية لاتنطق ( الذكرين ) .. وقام بتصحيحها 3 مرات .. حتى قرأتها بشكل صحيح .. 
 فعادت نفس الكلمة مرة أخرى في الآيات فأخطأت في قراءتها مجدداً ..
فعاد ليصححها لي .. وقرأتها بالشكل الصحيح منذ ذلك الحين .. 

كما لا أنسى أبداً طريقة عقابه , فقد كنا صغاراً .. ولابد أن يزيد شغبنا أحياناً .. 

فكان يحذرنا من التمادي , ولاننصاع , فيتحين فرص اقترابنا منه ,
أو غفلتنا .. ليعاقبنا ب " فلصةٍ " أو " فلصتين " .. 
ولايبرح أن يخفي ما جرى فوراً بمزحةٍ تبدّل الألم ضحكة !!

ولا أنسى مزحاته الدائمة التي لا أستطيع بعدها التوقف عن الضحك ..
ورسمه للإبتسامة على شفاه الجميع .. فذات مرة كنت قد اشتريت بضاعة من الأكواب
والزخارف والألعاب .. وكما العادة أذهب لأبيعها في بيت جدي يوم الخميس ..
حيث يتجمع الأهل عادة .. وعادة ماكان الأطفال والنساء هم الشراؤون ..
إلى أن علم الرجال بالأمر فطلب مني " أبو محمد "  معاينة هذه البضاعة ..
علّه يشتري شيئاً فذهبت لأحضرها فرِحاً .. !! وأحضرت البضاعة ..
فأخذ يخرج الأشياء قطعةً قطعة ويعلّق عليها بطريقة ساخرة ..
فضجّ جميع من كان موجوداً بالضَحِك , وكانت تعليقاته هذه حديث الأهل جميعاً
في ذلك اليوم البهيجِ .. يوم أن كانَ معنا ..

كان يشجّع نادي الإتحاد .. وصرتُ أتباهى ذاتَ خميسِ بـ " الأهلي " وأعدد ألقابه .. فقلت أنهم
الكواسر , وفرقة الرعب , وأنه " قلعة للكؤوس " .. فتمهل قليلاً ثم قال متهكماً " ايه .. القلعة اللي في تاروت .. "

فضحك الجميع ومن بينهم أنا .. وقلت أن الأيام بيننا .. وكان الأهلي يخسر أمام الإتحاد في تلك الفترة دائماً .. 
فلم يكن لدي أية جرأة للمجاراة .. حتى أحرزنا من امامهم بطولتين قبل أعوام .. 
فتحينت الفرصة لأواجهه وأتفاخر ولم يكن لديه أي حجّة حينها .

كان الراحِل حازماً , ولطالما كان المحذّر منه الأول مِن جدتي أو خالاتي .. إن نحن شاغبنا في يوم الخميس .. 

وكنت دائماً أحبّ أن أعانده .. لا لشيء .. إلا لأرى تلك الملامِح المتغيّرة .. 
تلك الإبتسامة التي كانت تتلو ملامِح الغضب .. كانت تروق لي على الدوام .. ولا أنساها البتة ..

كان الراحِل حكم كرة طائرة .. وكلما شاهدنا مباراة على التلفاز .. قلنا بأنه الحكم _ بلا شك _
وصرنا ننتظر أن تقترب الكاميرا من وجوه الحكام أو أن يقول المعلّق أسماء الحكام ..
ونفرح جداً إن شاهدناه .. حتى إرتبطت رؤيتنا له بأننا كلما شاهدنا الحجّاج أو المعتمرين
قلنا _ مازحين _  بأنه معهم .

بعد 3 أيام من تلقي الخبر .. حلمت بأن في يدي هذه الأوراق التي أكتب فيها المقال , 

وأنني أجلس معه ومع خالتي , ورحت أتساءل .. من أتى بهذه الإشاعة !!

فأبداً لم ترحل هذه الإبتسامة .. هي حاضرةٌ وحيّة .. في أذهاننا ..
وأبداً لم يرحل " شهاب " ولازال مضاء في قلوبنا وذكرياتنا ..

قال أحدهم في صفحةِ العزاء .. بأن الدموع تنسكب لتخفف من الألم
إلا أن دموع بكاؤنا على " أبي محمد " .. كانت تزيد من حرقةِ الألم ..
وكان صادقاً فرحيله كان مفجعاً ومؤلماً ..

صبّركِ الله ياخالتي .. وأبنائكِ على هذا المصاب الجلل .. وألهمكم صبراً ..
وآلحقنا وألحقكم بهِ في الجنانِ إن شاء الله ...

4 التعليقات:

تونا جاوية بالنكهة اليابانية يقول...

رحمة الله عليه رحمة واسعة ..
الله اغفر له ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد
وصبّر أهله على فراقه والهمهم السلوان إنك رحيم ودود ..

كان الله في عونكم ..
عظّم الله أجركم وأحسن عزائكم أخي علي ..

Unknown يقول...

رحمه الله واسكنه فسيح جناته..
عظم الله أجركم أخي علي..

NaifHD يقول...

www.qutoofislam.com

اسلام | اسلاميات | قطوف الاسلام |

اناشيد | تكنولوجيا | برامج | العاب

| اخبار |

يوسف يقول...

السلام عليكم ..
رحمه الله رحممة واسعة .. ورحمنا ورحم جميع المسلمين .. عظم الله أجركم ..
من المحرزن فقدان الأقارب وخصوصا القريبين من القلب :(
الله يصبر أهله

إرسال تعليق